منحت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، بشأن سد النهضة الإثيوبي، أملًا جديدًا لاستعادة المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا، بعد أن كانت قد وصلت إلى طريق مسدود نتيجة تعنت الجانب الإثيوبي، بما يضر بمصالح مصر المائية.
وأكد ترامب، خلال لقائه مع أمين حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، أنَّ الولايات المتحدة تعمل على تسوية النزاع المرتبط بسد النهضة، مبديًا تفاؤله للتوصل لحل هذه الأزمة، مؤكدًا أهمية مياه النيل لمصر، وقال نصًا: “نحن على طريق حلّ هذه المشكلة بسرعة كبيرة”.
من جانبه، ثمن الرئيس عبدالفتاح السيسي، تصريحات ترامب، مشددًا على أن مصر تُقدّر حرص الرئيس الأمريكي على التوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد الإثيوبي، وتأكيده على ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة، لافتًا إلى أن مصر تدعم رؤية ترامب في إرساء السلام العادل والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة والعالم.
مطلوب ترجمة الأقوال الأمريكية لأفعال
أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، رأى أنَّ التصريح الأمريكي والرد المصري بشأن سد النهضة، أمر جيد، لكن لا بد من مواقف، مضيفًا لـ”تليجراف مصر” أنَّ المطلوب هو ترجمة الأقوال الأمريكية إلى أفعال، وأن تنخرط الإدارة الأمريكية في مفاوضات ووضع رؤى ومقترحات للحل، وممارسة دور الوسيط في المفاوضات.
وكان ترامب قد صرح في 21 يونيو الماضي، بأن “الولايات المتحدة هي التي موّلت سد النهضة.. ولا أعرف لماذا؟”، لافتًا إلى أن السد تسبب في مشكلة بين مصر وإثيوبيا خلال السنوات الماضية، ويؤثر على حصة دول المصب من المياه، خاصة خلال مواسم الجفاف.
وفي حديثه عن جهوده لحل النزاعات حول العالم، أضاف ترامب وقتذاك: “فيما يتعلق بمصر خاصة في مسألة السد والنزاع بخصوص مياه النيل، سنعمل على حل الإشكال بين مصر والسودان وإثيوبيا”.
ترامب يبحث عن إنجاز
فيما اعتبر المفكر السياسي، الدكتور مصطفى الفقي، أن تصريحات الرئيس ترامب حول أزمة سد النهضة، لها عدة دوافع، أولها بحث ترامب عن إنجاز، حيث يريد أن يظهر أمام العالم أنه صانع للمعجزات لتعويض إخفاقاته الأخيرة في الحرب الروسية – الأوكرانية، وكذا الشرق الأوسط، بحسب حديثه لبرنامج “يحدث في مصر” على فضائية “إم بي سي مصر”.
ورأى الفقي، أن تصريحات ترامب تحمل رسالة طمأنة لمصر على الأقل، وتذكر بجهود إدارته السابقة التي كادت أن تتوج باتفاق في واشنطن لولا امتناع الوفد الإثيوبي عن الحضور في اللحظة الأخيرة.
انتصار دبلوماسي لمصر
فيما قال أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد مهران، إن تصريحات ترامب بشأن سد النهضة، تعد انتصارًا دبلوماسيًا مهمًا لمصر يعكس دعمًا دوليًا واضحًا لموقفها القانوني في هذا الملف.
وأضاف مهران في تصريحات لـ“تليجراف مصر”، أن اعتراف الرئيس ترامب بأن النيل يُمثل “مصدر حياة” لمصر يُعتبر إقرارًا دوليًا مهمًا بالحقوق المائية التاريخية لمصر، مؤكدًا أن هذا الاعتراف من أقوى دولة في العالم يعزز الموقف القانوني المصري أمام المجتمع الدولي.
واعتبر أن هذا التصريح يؤكد رفض المجتمع الدولي للسياسات الأحادية الإثيوبية، ويدعم الموقف المصري الذي يطالب بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قبل تشغيل السد، معتقدًا أن حرص ترامب على التوصل لحل عادل لأزمة سد النهضة يعكس فهمًا أمريكيًا عميقًا لخطورة هذا الملف على الأمن والاستقرار الإقليمي.
وشدد مهران على أن هذا الموقف الأمريكي يجب أن يكون بداية لعمل دولي موّحد لحل أزمة سد النهضة، مؤكدًا أن القانون الدولي يوفر الأدوات اللازمة لتحقيق حل عادل ومستدام.
وتابع: “الآن أصبح الموقف الأمريكي واضحًا، ويجب على المجتمع الدولي عمومًا التحرّك بشكل عاجل لإجبار إثيوبيا على احترام القانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحمي حقوق جميع الأطراف وأجيال المستقبل”.