في وقت تتصاعد نيران الحرب على غزة وتزداد وطأتها النفسية على جنود الجيش الإسرائيلي، تظهر موجة جديدة من الانهيارات النفسية التي لا يمكن لرقابة الجيش أن تحجبها طويلًا، فكل بضعة أيام، تتسرب الأنباء عن انتحار جندي جديد من القوات الإسرائيلية، كأن الجبهة تلتهم أبناءها.
ليست المرة الأولى
وحاول جندي إسرائيلي متدرب من لواء المظليين، اليوم، إنهاء حياته بإطلاق النار على نفسه بقاعدة عسكرية جنوب إسرائيل، في حين وُصفت حالته بـ“الخطيرة جدًا”، وفقًا لما نقلته صحيفة “هآرتس” العبرية.
وبحسب القناة “12” الإسرائيلية فإن واقعة جندي لواء المظليين لم تكن الأولى، حيث إنها الحالة الرابعة في محاولات الانتحار في صفوف جنود الجيش الإسرائيلي خلال 10 أيام فقط.
وكان جندي إسرائيلي عائد من القتال في قطاع غزة، أنهى حياته، الإثنين الماضي، في أحد معسكرات الجيش شمال إسرائيل، وفقًا لما نقلته وكالة “سند” الفلسطينية.
وقال موقع “حدشوت للو تسنزورا” الإسرائيلي، إن جنديًا عُثِر عليه مُنتحرًا في معسكر للجيش شمال إسرائيل، دون توضيح تفاصيل.
وأوضح الموقع الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، أنه تم العثور على جندي احتياطي، يبلغ من العمر 30 عامًا، منتحرًا داخل سيارته في مستوطنة تفوح جنوب شرق نابلس.
من جهتها، كشفت منصة للمستوطنين، الخميس الماضي، العثور على جندي احتياط أنهى حياته في حي “هار حوما” بالقدس المحتلة، فيما لم توضح أي جهات رسمية تفاصيل الحدث.
إلى ذلك، كشفت صحيفة “هآرتس”، تفاصيل انتحار جندي إسرائيلي من لواء جولاني داخل قاعدة “سديه تيمان” العسكرية بعد خضوعه لتحقيق من الشرطة العسكرية مطلع الشهر الجاري، مشيرة إلى أن الجندي خرج من قطاع غزة مع زملائه لقضاء “دورة استجمام”، لكن المحققين كانوا بانتظاره، وصادروا سلاحه الشخصي، لكنه أنهى حياته ليلًا باستخدام سلاح زميله.
وذكرت، أن صديقًا مقربًا للجندي قُتل الشهر الماضي في انفجار ناقلة جند بعبوة ناسفة في قطاع غزة، ويُعتقد أن ذلك أثر على حالته النفسية، مشيرةً إلى أنَّ جيش الاحتلال لم يُدرج الجندي المنتحر ضمن قتلى الحرب، التزامًا بسياسة تستثني المنتحرين من قوائم الضح.
ارتفاع حالات الانتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي
في السياق ذاته، ذكرت “هآرتس” أمس، أن عدد الجنود الذين انتحروا خلال الخدمة الفعلية في الجيش الإسرائيلي، ارتفع مقارنة بالعدد في السنوات السابقة.
وأوضحت الصحيفة، أن ما لا يقل عن 15 جنديًا إسرائيليًا أنهوا حياتهم منذ بداية عام 2025 و21 جنديًا خلال عام 2024، مشيرة إلى أن غالبية المنتحرين خلال الحرب كانوا من جنود الاحتياط في الخدمة الفعلية.
وأشارت إلى أن نسبة كبيرة من الجنود المنتحرين تعرضوا لحوادث قتال صعبة أثرت على حالتهم النفسية بشكل كبير، مؤكدة أن الحكومة الإسرائيلية ترفض الإفصاح عن العدد الحقيقي لحالات الانتحار في صفوف الجيش.
زيادة مذهلة
من جانبه، أفاد موقع “إنسايد أوفر” الإيطالي في تقرير حديث بأن بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي كشفت زيادة مذهلة في حالات الانتحار بين الجنود خلال الفترة ما بين 2023 و2024، حيث تم تسجيل 38 حالة انتحار، من بينها 28 حالة بعد بدء الحرب على غزة، مقارنة بـ14 حالة عام 2022، و11 حالة في 2021.
وبحسب الموقع، فإن هذا الارتفاع الحاد في حالات الانتحار، يعود إلى التعبئة الاستثنائية التي شملت نحو 300 ألف جندي احتياط، حيث تعرض هؤلاء الجنود لمستويات قصوى من العـنف والضغط النفسي خلال العمليات العسكرية في غزة والمنطقة الحدودية مع لبنان.
وتواجه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اليوم تبعات ما وصفه التقرير بـ”التجارب التي تجاوزت حدود الاحتمال”، والتي انعكست في أزمة نفسية حادة بين أوساط الجنود.
وكانت شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، ووحدة الصحة النفسية، قالت في دراسة سابقة، إن تنامي الاضطرابات النفسية بصفوف الجنود هو السبب الرئيسي للإقدام على الانتـحار، ويرجع ذلك إلى ضغوط نفسية واجتماعية وكذلك أمنية وحالة الحرب والاقتتال المتواصلة.